الــتــعـبـيـرات الـوديــة عـنــد الـمــصــريـيــن
المقصود بالتعبيرات الشعبية الودية ذلك الكلام الذى يعبر به الناس عن مشاعرهم الانسانية الرحيمة بأسلوب مهذب بليغ ليس فيه تعقيد أو عندما يرجو الخير للاخريين و خاصة ابناء اسرته او جيرانه او ذلك الذي يقال من الابناء و البنات و الزواج و الزوجات وجيران السكن او العمل .........
والحقيقة انه اينما ذهبت ستقابلك مثل هذه التعبيرات الودية فالجميع يرددها و في جميع المناسبات التي تنشأ نتيجة للعلاقات الجتماعية حيث تبرز قيم الرحمة و المودة و المجاملة في ظل التحاب و التصافي الذي يصبغ تلك العلاقات ز وفي محاولة رصدنا لتلك التعبيرات سنحاول ان نقسمها إلي ثلاث محاور رئيسية : (1) المجاملة و التحية و السلام (2) ما يقال للبنات و النساء (3) مايقال للاولاد و الرجال
المحور الاول : المجاملة و التحية و السلام . يقول لين في كتابه (المصريون المحدثون ) "يجامل المصريون بعضهم بعضا إلي أقصي حد و لتحيتهم و سلوكهم العام رقة و وقار خاصان و مهارة سلسة تبدو انها في طبعهم لملاحظتها في الفلاحين ايضا"
نعم الشعب المصري مجامل إلي اقصي الحدود و تحيته و سلامه يتجلي فيهما الرقة و الوقار و يمكن ان نستبين ذلك من سرد جانبا من تلك المجاملات .........
- فعندما يأتي المدعون إلي حفل دعوا إليه ليجاملوا أصحاب الحفل يقال لهم عبارات مثل (نجاملكم في المسرات) (نخدمكم في الفراح) (بس يا ريت تبقوا تشرفونا في جواز فلان) ويكون الرد (دا احنا نيجي علي عينينا) .
- و عند الخطبة يذهب اهل العريس يطلبون يد العروس فتكون مجاملتهم ب.... دا احنا نجهزها و نجيبها له لحد البيت) و يكون رد المجاملة باحسن منها (دا احنا نتقلها بالذهب) (احنا هنلاقي احسن منها) (اصيلة بنت اصول)
- وعندما يودعون شخصا مسافرا (في سلامة الله) (في امان الله) (منع السلامة) (ربنا معاك) (اوعي تقطع الجوابات) و حين يعود من السفر يقابل بالترحيب و الابتهاج (سلامات سلامات) (حمدا لله علي السلامة) (وحشتنا قوي) (لك وحشة كبيرة و الله) .............
- وعندما يتزاور الناس فإن المجال يكون مجال مجاملة كبيرة خاصة و إن كانت الزيارة تتم علي فترات متباعدة او كانت المكانة الجتماعية للزائر اعلي فنجد مثل هذه التعبيرات: - (دا احنا زارنا النبي) (خطوة عزيزة) (وشك ولا وش القمر) و يستمر الترحيب ب(يادي النور يادي النور) (شرفتونا و نورتونا) (ايه النور دا كله) (دي البلد كلها نورت).
- و حين ياتي قادم من اهل المنزل ليفاجئ بالزوار يدخل محييا مرددا (اتاري هنا نور).
- أما السلام فالمعتاد السلام بتحية الإسلام المباركة ( السلام عليكم) وردها (عليكم السلام و رحمة الله ) ولكن علي ألسنة العامة تتحول إلي (سلامو عليكو) و(عليكو السلام) كما ان هناك تحيات اخري مثل (صباح الخير) (صباح النور) (يسعد صباحك) (نهاره نادي) (صباح الفل) (نهاره ابيض) (مساء الخير) (يسعد مساك) (سعيدة مبارك) (ليلتكو سعيدة) (تصبحوا علي خير) (وانتم من اهل الخير) (العواف) ( الله يعافيك).
- وعندما يتقابل شخصان يسأل كل منهما الاخر عن صحته (ازاي الصحة) (إزيك) ويكون الرد (تمام و الحمد لله). وإن دل علي الاعتلال مثل (يا الله الحمد لله) ويكون الرد (لأ سلامتك) (شد حيلك يا راجل).. والشعب المصري له في كل موقف كلمة مجاملة لابد ان يقولها:
- فلإذا خرج الرجل من الحمام أو حلق شعره أو ذقنه قيل له (نعيما) و يكون الرد ب(انعم الله عليك)
- و اذا توضأ قيل له (زمزم) بمعني تمني ان يهبه الله التوضأمن ماء بئر زمزم بمكة المكرمة و يكون الرد (جمعا إن شاء الله).
- واذا صلي الرجل قيل له (حما) و يكون الرد (جمعا ان شاء الله) او يقال (تقبل الله) اي تقبل الله صلاتك و يكون الرد(منا و منكم).
- واذا استيقظ الرجل من نومه قيل له (صح النوم) ويكون الرد (صحي الله بدنك) وقد يدلل الرجل زوجته او ابنته دللا رقيقا و هو يوقظها ب(صحي النوم يا جميل)
- وعندما يلبس الرجل او يشتري شيئا جديدا يقال له مبروك و يكون الرد (الله يبارك فيك) وعندما يكون ثوبا او قماشا يدعي له بان (تدوب عدد خيطانها) وإن كان حذاء يقال له (مبروك علي الأرض)
- وعند الوفاه يقول صاحب المعزي (شكر الله سعيكم) ويرد المعزي (عظم الله اجركم) (شد حيلك يا راجل) (كلنا لها)
- وعندما يعطس الرجل يقول ( الحمد لله) فيقال له (يرحمكم الله) ويرد (غفر الله لنا و لكم) او (يهدينا و يهديكم الله)
- و اذا قضي الرجل حاجته يقال له (شفيتم و عفيتم) ويرد من قيل له ذلك (شفاكم الله وعفاكم )
- وعندما يشرب الزائر او يأكل يقول (دايما) (ربنا يجعله عامر) (ناكل دايما في الافراح) (ناكل يوم ما تفرحي بيهم) (نشرب شربات فرحهم او نجاحهم) ويرد عليه (هنيا) (بالهنا و الشفا) ويرد هو (هناكم الله) (دايما في المسرات) (يدوم عزكم)
- وفي الاعياد و المناسبات يردد الناس (كل عام و انتم بخير) (كل سنة و انتم طيبين) (تعودوا لها بخير) (بعوده الايام) ويرد دائما (وانت طيب) (وانتم طيبين) (وانتم بخير)

- ويجدر بنا ان نذكر هنا رأيا في المجاملة اورده الاستاذ/ أحمد أمين في (قاموس العادات و التقاليد المصرية) مؤداه ان : (هم يجاملون كثيرا فيظهرون من الصداقة و الإجلال ما قد يضمرون معه من الكره و الاحتقار و قد يغالبون أعدائهم بالحضن و التقبيل مما لا يكون إلا بين الاصدقاء بينما هم يضمرون البغض و الازدراء وعلي العموم فهم تنقصهم الصراحة ) - وفي رأينا ان الاستاذ / أحمد أمين قد جانبه الصواب في هذا الرأي إلا إن يكون ذلك هو الوضع الذي كان أيامه وقت أن رصد الظواهر الموجودة ليكتب قاموسه هذا في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي و الذي كان للحياه الاجتماعية و السياسية اثر كبير في اخلاقيات الناس حيث ساد التقسيك الطبقي الحاد بالإضافة للقهر السياسي الذي كان يمارسه المستعمر و اعوانه من السراي و الخونة المتسلقين علي اكتاف الشعب المسكين ومما اشاعه ذلك من جو النفاق الاجتماعي و سيادة قيم سلبية تجعل الناس تتوجس شرا و تبدي غير ما تضمر خوغا او تملقا ونري ان تلك الامور قد تغيرت عبر تلك الفترة و التي ارسيت خلالها اوضاعا و قيما مخالفة مما يجعلنا في رصدنا لظواهر المجاملة نختلف مع الاستاذ / أحمد أمين . - يضيف الاستاذ / أحمد أمين : (ومن مجاملتهم الكثيرة الالحاح علي الضيف و الاكثار من الاصناف و كثرة الفاظ الترحيب و كثرة الالقاب في الخطابات و المقابلة بالحضن و القبل و كثرة الهدايا في الافراح - ونري ايضا هنا ان العبارة قد صبغها ذلك العهد بقيمه خاصة في مسألة (كثرة الالقاب) حيث كانت الالقاب تباع و تشتري لمن يقدر علي ذلك اما قوله عن المجاملات الكثيرة و الالحاح علي الضيف و كثرة الهدايا فلم يشأ الاستاذ / أحمد أمين ان يورد اسبابها حيث الكرم و الجود و حيث التواد و التراحم و التعاون و التحاب و الصفاء الذي يسود علاقات الناس بعضهم ببعض.
أستاذ صلاح القاضي مدير عام التفتيش بالبنك العقاري المصري العربي
التسميات: masr el balad, second, sh3byat |